الأربعاء، 12 ديسمبر 2018

سورة الحمد وسر تسميتها بـ (أم الكتاب)
***************************
إن للقرآن الكريم أسماءً وصفاتٍ كثيرة وسورة الحمد أيضاً بما أنها (أم القرآن) وتتضمن خلاصة ولب المعارف القرآنية فلهذا كان لها أسماء وألقاب كثيرة وأسماؤها المعروفة هي : أم الكتاب وفاتحة الكتاب والسبع المثاني والحمد , وأسماؤها غير المشهورة هي : فاتحة القرآن والقرآن العظيم والوافية والكافية والشافية والشفاء والصلاة والدعاء والأساس والشكر والكنز والنور والسؤال وتعليم المسألة والمناجاة والتفويض وسورة الحمد الأولى والحمد القُصرى.

والبحث في مقام ومضمون هذه السورة يدل على أنّ تسميتها بكل إسم من هذه الأسماء ناشئة من التناسب الموجود بين الأسماء وبين المعارف الموجودة في السورة أو لأجل المنزلة الخاصة لهذه السورة , وفيما يلي نذكر بعض أسرار تسمية هذه السورة بإسم (أم الكتاب) أو (أم القرآن) :

إن السر في تسمية سورة الحمد بهذين الإسمين الذين جاءا في روايات كثيرة عن الفريقين هو أن السورة قد تضمّنت خلاصة ولب معارف القرآن .. 
ومعارف القرآن الكريم على ثلاثة أقسام :
(( معرفة المبدأ ومعرفة المعاد ومعرفة الرسالة )) 
والكلام المنسوب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو : (( رحم الله امرأ علم من أين وفي أين والى أين )) ناظر الى معرفة هذه الأصول الثلاثة , وسورة الفاتحة أيضاً تتضمن المعارف المذكورة لأن : 
- القسم الأول منها : يتعلق بالمبدأ وربوبيته المطلقة على عالم الوجود وكذلك صفاته الجمالية كالرحمة المطلقة والرحمة الخاصة.
- والقسم الأوسط ﴿مالِكِ يَوْمِ الدِّين﴾ : ناظر إلى المعاد وظهور المالكيّة المطلقة لله سبحانه في القيامة. 
- وقسمها الأخير : يتحدث عن حصر العبادة والإستعانة بالله سبحانه وطلب الهداية إلى الصراط المستقيم في قوله : ﴿إِيِّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٭ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٭ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّآلِّين﴾ متعلّق بالهداية والضلالة خلال السير من المبدأ الى المعاد ومحوره وأساسه يعتمد على مسألتي الوحي والرسالة , إذاً فإنّ أصول المعارف القرآنية قد تم تصويرها وبلورتها في هذه السورة.

يقول الفيلسوف (صدر المتألّهين) الملا صدرا الشيرازي حول هذه السورة المباركة :
(( ليس هناك سورة في القرآن في مستوى سورة الحمد في جامعيّتها , ومن لايستطيع أن يستنبط القسم الأعظم من أسرار العلوم الإلهيّة والمعالم الربانيّة (معرفة المبدأ ومعرفة المعاد وعلم النفس و...) من سورة الفاتحة فهو ليس بعالم ربّاني ولم يرتقِ الى مستوى تفسير السورة كما ينبغي )) تفسير القرآن الكريم ج1 ص163ـ 164.

اللهم إنّا نسألك بسورة الحمد وأسرارها إلاّ مادفعت عنا البلاء والوباء والغلاء وجعلت بلدنا وبلاد المسلمين آمنة مستقرة بمحمد وآله الطاهرين ... اللهم آمين
ونسألكم الدعاء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق