الاثنين، 12 أغسطس 2019

البعد الباطني للحج
******************

قال تعالى {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم} هذه الاية صريحة في إشمال الحج على منافع للناس
ولو أردنا إلقاء الضوء على منافع متصورة للحج لوجدناها كثيرة ومتنوعه , هذه المنافع بعضها عبادية وبعضها تربوية واخرى اقتصادية واجتماعية..... وغيرها.

الافعال العبادية في الإسلام لها صور ظاهرية وصور باطنية وأسرار عرفانية مدهشة خصوصاً شعيرة الحج حيث يجتمع فيها المسلمون من كل قوم ولون ولسان وعنصر في العالم في بقعة واحدة يرفعون شعار موحد نحو هدف واحد فهو يمثل بعثا مصغرا في دنيا الإنسان ويشتمل أيضا على مقامات وأحوال كالخلوة والذكر والتفكر والعزلة والاجتماع

الحج إمتثال أمر الله في تجرد عن ماسواه من زينة الحياة الدنيا وبهرجتها إبتغاءً الوصول اليه سبحانه , وهذا لايتحقق إلاّ بمراتب متعدده :
1) المرتبة الأولى (التوبة) :
من خلال الابتعاد عن صفات الحيوانيه نحو الصفات الإنسانية العليا وترك هوى النفس الإمارة بالسوء باتجاه الفضائل الأخلاقية والمراتب المعنوية.

2) المرتبة الثانية (اليقظة) :
وتتجلى في المعرفة بمقام الكعبه والحرم ومنزلتهما عند الله جل وعلا وماوفق له العبد من معرفة القيم الإنسانيه بأداء ماوجب عليه من أعمال الحج وعدم ارتكاب مامنع منه وهذا يعني أن الله لا يتقبل كل عمل صادر من الإنسان الا اذا اقترن بالورع والتقوى.

3) المرتبة الثالثة (التخليه) :
هي فراغ القلب من كل الصفات السيئة وحز جذور تلك الصفات المميتة للقلب كالحسد والبخل والكذب والرياء والنفاق وغيرها.

4) المرتبة الرابعة (التحلية) :
هي تحلية القلب بالخصائص الأخلاقية الحميدة والفضائل الإنسانية العالية كحب الخير والاخلاص والتواضع والصدق والزهد وغيرها وفي هذه الحالة يتحول الحج إلى حج إبراهيمي ويتجه الإنسان إلى الله سبحانه بقلب ابراهيمي حنيف قال تعالى (إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) ..
وبهذا يخلص نيته في سفره المعنوي إلى الله ويبتعد عن الدنيا الدنيه ولايرضى الا برضا الله بحيث يصطبغ بصبغه إلهيه تجعله ينسلخ عن الماديات قال تعالى (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة).

5) المرتبة الخامسة (التجليه) : 
هي مرتبة الأولياء والاصفياء وعباد الله المخلصين وفي هذا المقام يلف الحاج السالك هاله من النور الالهي قال تعالى (وجعلنا له نورا يمشي به في الناس) وفي هذه المرتبة يميز الإنسان الطيب من الخبيث والحق من الباطل.

وأخيراً ننقل حديثاً لإمامنا الصادق (ع) يختصر كل هذه المراتب المعنوية والروحية للحج حيث قال [ اذا أردت الحج فجرد قلبك لله عزوجل من قبل عزمك من كل شاغل وحجب كل حاجب وفوض أمورك كلها إلى خالقك وتوكل عليه في جميع مايظهر من حركاتك وسكانتك وسلم لقضائه وحكمه وقدره ودع الدنيا والراحه والخلق وأخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين ولا تعتمد على زادك وراحلتك وأصحابك وقوتك وثيابك ومالك فإن من ادعى رضا الله واعتمد على شيئ صيره عليه عدوا ووبالا ليعلم انه ليس له قوه ولا حيله ولا لأحد الا بعصمته لله وتوفيقه واستعد استعداد من لا يرجوا الرجوع وأحسن الصحبه وراع اوقات فرائض الله وسنن نبيه] .. مصباح الشريعة
سؤال يطرح نفسه : كم من الحجاج مروا بهذه المراتب ؟؟!!

ونسألكم الدعاء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق