في رحاب دعاء كميل
***************
نُكمل وإياكم الشرح المبسّط لفقرات هذا الدعاء المبارك , علّ وعسى أن ننال الأجر إن شاء الله ..
(( ولا لشيء من عملي القبيح بالحسن مبدلاً غيرك ))

وهذه منة أخرى ونعمة جديدة يضيفها الله على عبده المذنب حيث لا يكتفي بالستر على ما يصدر منه من أعمال قبيحة تجنباً لفضيحته بين الناس بل يبدل له سيئاته حسنات , وعملية تبديل السيئات بالحسنات من قبل الله عز وجل وعدٌ صدر منه تعالى في الكتاب الكريم لمن تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً ثم إهتدى , فقد قالت الآية الكريمة في حق أولئك المؤمنين المهتدون (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) ..

أما كيف يكون ذلك فقد أورد المفسرون وجوه عديدة منها :
1- إن الله يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة , ويثبت مكانها طاعاتهم اللاحقة , فيبدل الكفر إيماناً , والفسق والفجور هدايةً , والزنا عفةً وإحصاناً ... وهكذا.
2- المراد بالسيئات والحسنات ملكاتهما لأنفسهما , فيبدل المَلَكة السيئة ملكة الحسنة , وهذا لايكون بالطبع إلاّ من خلال التوبة النصوح والإنقطاع التام لله سبحانه.
3- إن كل سيئة تصدر منهم تتبدل فتكون حسنة.

وليكن هذا أو ذاك , المهم أن عملية التبديل هذه جائت في الآية الكريمة تفريعاً على التوبة والإيمان والعمل الصالح ثم الهداية (لطريق آل محمد) , إنه عطاءٌ متواصل ورحمة لمن تاب وأظهر الندم .. وهو عطاءٌ لا ينضب لمن عمل عملاً صالحاً وشق طريقه في هذه الحياة على النحو المستقيم ..

ونختم بقصة لطيفة حول هذا الموضوع :
جاء شاب الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يا رسول الله أرأيت من لم يدع سيئة إلا عملها ولا خطيئة إلا ركبها ولا اشرف له سهم مما فوقه إلا إقتطعه بيمينه ومن لو قسمت خطاياه على أهل المدينة لغمرتهم ..
فقال النبي (ص) أأسلمت ؟؟
قال : أما أنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمداً رسول الله.
قال (ص) : إذهب فقد بدل الله سيئاتك حسنات.
قال : يا رسول الله وغدراتي وفجراتي ؟؟
قال (ص) : وغدراتك وفجراتك , ثلاثاً.
فولّى الشاب وهو يقول : الله اكبر .. الدر المنثور للسيوطي ج5 ص80.

الله اكبر : كلمة إعجاب وإكبار , كلمة ملؤها التعظيم والتجليل
يقولها هذا الشاب وهو يتضاءل أمام عظمة الله وعفوه لماذا لماذا ؟؟ لأنه لم يدع سيئة إلا وقد جاء بها , فماذا يتوقع بعد كل هذا الإجرام ؟؟
لذلك جاء الى النبي (ص) واليأس يأخذ بمجامع قلبه فهو لايرى لذنبه غافراً ولا لقبائحه ساتراً إلاّ الله سبحانه .

نسأل الله الستر علينا في الدنيا والآخرة وأن يُبدل سيئاتنا حسنات بمحمد وآله
اللهم آمين ... ونسألكم الدعاء