الثلاثاء، 19 مارس 2019

معاناة مواطن 
(( قصة أعجبتني .. تابعوها معي ))
*****************
ج1
إتصلت ريما بزوجها وهي لا تدري أين مكانه كعادتها وعندما رأى رقمها تململ ولوى شفتيه مستنكراً فأقفل الهاتف لأنه كان مشغولاً , فأعادت الإتصال به مرة أخرى وعاد وأقفل الهاتف مجدداً ثم أعادت الإتصال فأجابها غاضباً : آه كم أنتن مزعجات أيتها النساء !؟ ألا تعلمين أني مشغول , هل هذا وقتك ؟
قالت له بنبرة خانعة : لقد إتصلت لأخبرك بأمر مهم جداً يخص عماد
فزاد من حدة غضبه وقال بعصبية جنونية : أووووه ما بال عماد ؟!! هل نسيتي أنكِ والدته وعليكِ تولي أموره !!؟ إتصلي بي لاحقاً
ثم أقفل الهاتف وتغيرت نبرة صوته إلى رجل ودود جداً ثم دخل إلى مكتب النائب وكأنه خادم له وبعدها قال : أعتذر منك حضرة النائب أنت تعلم النساء ومشاغلهن !!
قال النائب : أتمنى منك يا رجل عندما تدخل إلى مكتبي مرة أخرى أن تترك هاتفك خارجاً فعندما تكون هنا عليك أن تنسى والدتك التي ربتك حتى , فنحن مسؤولون عن شعب بأكمله وعلينا الذهاب إلى مكتب الوزير الآن هيا جهز نفسك ..
فقال بصوت منكسر : حاضر أنا آسف
ثم قال لنفسه : تباً للنساء والأولاد ليتني لم أتزوج ولم أتعرف إلى إمرأة غبية مثل زوجتي !! لماذا لم يكن نصيبي إبنة رئيس البلاد ؟؟
وإستيقظ من حلمه هذا على صوت النائب يستعجله في الذهاب..
وعندما وصلا إلى مكتب الوزير إستقبلهما بابتسامة غير معهودة , فقال النائب : يبدو أن مزاجك جيد الآن حتى ارتسمت تلك الضحكة على شفاهك وأنارت جلستنا ..
قال الوزير : لاوقت للمجاملات ولكني علمت من جواسيسي فضيحة كبرى تخص منافسي في الإنتخابات وسأستعملها ضده ..
ثم نظر إلى والد عماد وغمز له : في المنافسة كل شيء مشروع المهم أن أجلس على كرسي الحكم في نهاية المطاف..
وبعدها عقد حاجبيه ثم قال بتجاهل : ذكرني باسمك ..
قال : خادمك هاني واطلب مني ما تشاء وستجدني كما تريد ..
قال الوزير : المهم أن تكون جاهزاً كلما طلبناك فكما تعلم نحن في منافسة إنتخابية صعبة والأقوى هو من يستطيع أن يقنع الشعب أكثر !!
ثم أطلق ضحكة خبيثة وبعدها أكمل : إقناع بلا عمل !!!
إنتظرونا في الجزء الثاني
تحياتي

*******************
ج2
فقال هاني لنفسه : هذا العراق دائماً وعود بلا عمل , المهم أن أستفيد وأقضم ولو قضمة من كرسي الحكم ومن كان له حاجة عند أحد عليه أن يجعله ملكاً عليه , تبا لكم من وجوه مزيفة وأشخاص مقنعين تتلونون كالحرباء خبيثون , لطفاء قبل الانتخابات ووحوش كاسرة تبتلعون ولا تغصون بعدها , سلطة ومال مزيج لذيذ ..
وبعد إنتهاء المقابلة ودع الوزير والنائب بكل أدب وإحترام وولاء وعاد إلى منزله ليرتدي القناع الآخر !! ووجد زوجته بإنتظاره فقال لها غاضباً : أنتِ حقاً إمرأة غبية جداً !! أتتصلين بي وأنا مشغول ؟؟!!
فقالت له: ومتى لم تكن مشغولاً ؟ عليّ التحدث إليك بموضوع هام
فأبعدها عن طريقه بقساوة وبعدها قال : أوووه يا لهذا القبر الذي أعيش فيه !! أريد أن أستمع إلى نشرة الأخبار لذا أنا ذاهب إلى الصالة فاخرسوا رجاءً ولا تزعجوني ..
فخافت المسكينة من نبرته ولعنت السياسة والبلد وحياتها وخاصة حلفاء زوجها لأنهم أبعدوه عن منزله وأنسوه واجباته كزوج وأب , وما هي إلا لحظات حتى رن هاتفها وكانت صديقتها (سهى) فأجابت عليها بسرعة علها تفرّغ ما في جعبتها بقلبها ولكن المفاجأة أن سهى لم تكن أفضل حالاً منها حيث قالت لها : آه كم أنا إمرأة تعيسة يا صديقتي !!
قالت لها : خير إن شاء الله فهل هناك أتعس مني ؟!
قالت سهى : عندما نجح ولدي في البكالوريا فرحت كثيراً وتمنيت له مستقبلاً زاهراً ولكن الله لم يحقق أمنيتي ..
قالت لها : لماذا ؟؟
فأجابتها سهى : لقد غدر بنا المال ولم نستطع أن نؤمن له مصاريف الجامعة الأهلية وانتِ تعلمين الوضع في البلد كم هو مأساوي
قالت : آهٍ يا حبيبتي ليتني أستطيع مساعدتكِ ولكن كما تعلمين فزوجي يعطينا المال الذي نحتاجه ولا يمكنني التحدث إليه بشانكِ لأني ﻻأستطيع رؤيته من أجل إبننا فهو مشغول إما بنوابه ووزرائه أو بنشرة الاخبار ...
إنتظرونا في الجزء الثالث
تحياتي

******************
ج3
قالت سهى : ساعد الله قلبكِ , تباً لهذا البلد الذي نعيش فيه ليس تذمراً يا صديقتي إنما شكوى , شكوى من قلبٍ إحترق على فلذة كبده , لا أعلم ماذا أفعل !! أتعلمين لقد إنهارت أعصابي وبت أتناول المهدئات سراً عن زوجي !! وإلا فإن الحيطان ستتهدم من صوتي .. أصبحتُ عصبية المزاج لحد لا يطاق وخاصة كلما رأيتُ ولدي يتعذب أمام ناظريّ وأنا أقف وقفة العاجز وكل ما أخشاه أن يصبح من المنحرفين ..
لقد ساءت بنا الأحوال حيث قدم على وظيفة في الدولة زهيدة جداً ولكنهم لم يقبلوه لأنه يحتاج إلى واسطة والواسطة تحتاج الى المال ثم يأتي شاب آخر ليس لديه الكفاءة سوى الإجتماعية والمادية ويصبح ذا وظيفة مرموقة بشهادة إبتدائية !! لقد سئمت وأرجو ألا ينحرف ولدي , لحد الآن لازال صابراً ولكن أصدقاءه إنحرفوا ..
فغصّت أم عماد وتملكتها قشعريرة في كل جسدها وقالت بصوت مخنوق : أنا آسفة عليّ أن أقفل سماعة الهاتف ..
قالت سهى : لقد أتعبت رأسكِ بشكواي , أعتذر إليكِ ولكني لاأشعر بالإرتياح إلا معكِ فلا أستطيع إقلاق أهلي وإخوتي عليّ , نتحدث لاحقاً وداعاً ..
وإستسلمت أم عماد لبكاء مر مميت , ترى هل تبكي من أجل ابن سهى أم من أجل إبنها الذي إنحرف على الرغم من المال الموجود تحت تصرفه ولم تستطع أن تفعل أي شيئ وكلما حاولت أن تخبر زوجها يقول لها : "أنا مشغول" , يا لوقاحته مشغول بأموره الشخصية وكيف يصل إلى الحكم والسلطة !! ويعجز أن يحكم عائلته ولا يعلم عنهم أي شيئ ..
وما هي إلا لحظات حتى جاء عماد من الخارج وكان مستعجلاً جداً لدرجة أنه لم ينتبه أن يلقي تحيته على والدته !! ثم دخل إلى غرفته ليخرج بسرعة هائلة كالمجنون صارخاً : من دخل إلى غرفتي في غيابي ؟؟
فتنفست أمه الصعداء ثم نظرت إليه بريبة وقالت : لماذا ؟؟
قال لها : قلت من دخل إليها وكفى !!
ثم صرخ بأعلى صوته منادياً : ينينيشش …. ينينيشش (( اسم الخادمه )).
إنتظرونا في الجزء الرابع
تحياتي

******************
ج4
فحضرت المسكينة من المطبخ وهي ترجف كالورقة في فصل الشتاء وداخلها عاصفة من الخوف والترقب .. فاقترب منها عماد ولوح يده في الهواء مهدداً وقائلاً : من دخل إلى غرفتي ؟؟ هل دخلتِ أنتِ ؟؟
فنظرت المسكينة إلى (ريما) ترجوها أن تنقذها بنظراتها فقالت : أنا التي دخلت وليست هي , هل تبحث عن هذا أيها الفاشل ؟؟!!
ثم حملت بيدها كيسا صغيراً يحتوي على عدة جرعات من المخدر ..
فإحمر وجههُ غضباً وقال : لا دخل لكِ بي !! إستمري في الجلوس مع جاراتكِ وإستمعي لشكواهن وإتركيني أعيش كما ينبغي , أنا اليوم فرحٌ جداً ولا أريد أن أعكر مزاجي ..
قالت له : وما الذي تريده مني أن أعطيك السم بيدي ؟؟!! كلا وألف كلا.
قال لها ساخراً : عن أي سم تتحدثين فأنا أتجرعه كل يوم آلاف المرات !! أتعلمين لم أنا فرح اليوم ؟؟ قالت له : لا , فهل تعرفت الى فتاة جديدة وتريد إيذاءها ؟؟!!
فقهقه بصوت عالٍ ثم قال : إن في ذلك متعة كبيرة ولكن المتعة الأكبر هو صديقي (زين) فقد أصيب بمرض السرطان الحميد مع الأسف ووالده لا يستطيع علاجه بسبب فقره المدقع ولا يجد من يساعده , سيموت أمام ناظريه ببطء وأنا أبي لا يهتم بي أبداً فلم أره منذ شهر !!
قالت له : وهل تجد المتعة في ذلك أيها الخبيث !! ساعد الله قلب والده ووالدته ..
فضحك والشماتة تملأ أحاسيسه ثم قال : طبعاً أستمتع بذلك كثيراً فوالده يتعذب لأجله وفضلاً عن ذلك كل إخوانه وإخوان زوجته فقراء مساكين لايملكون المال وأنا أكثر مسكنة منهم لأنه لدي والد حي ميت يسعى لنيل المناصب ويلهث وراء السياسيين حتى ينظروا إليه بنظرة رضا علّهم يضعون إسمه في لائحة الإنتخابات , وهو يدرك تماماً مدى إستغلالهم له وللشعب المسكين ويجعلونه أداة لهم ليصلوا الى مآربهم النتنة مثلهم والأدهى أنه يعلم ذلك وهو راضٍ قانع ..
فقالت : عليك أن تشفق على صديقك المسكين لا أن تشمت به ولو كنت قادراً على مساعدته لوجب ذلك ..
قال لها : إن إجراء تلك العملية يتطلب الكثير من المال ولو كنت أملكها لأحرقتها ولما قدمتها اليهم !!
تابعونا في الجزء الخامس
تحياتي

*******************
ج5
قالت الأم لإبنها عماد بيأس : شباب ضائعون ولا أدري إن كان الإثم يلحقهم أو يلحق المسؤولين بهذا البلد المنكوب ..
قال لها : دعيني من الضياع وأعطني المخدر هيا !! فأنا أصرف مصروفي كله من أجله , أم تريدين أن أبدأ بالسرقة ؟؟!!
قالت له بيأس : هذا يعني أنك لم تفعل هذا بعد ؟؟!! إذن أين هو الخاتم الذي كان في خزانتي ؟؟ وأين هو المال الذي كان في حقيبتي ؟؟ هل كنت تنتظر مني أن أتهم الخادمة ينينيش بذلك ؟؟!!
عندها بدأ عماد يصرخ بأعلى صوته مدافعاً عن نفسه مع أن التهمة تتلبسه لبوساً فخرج والده من غرفته وعلامات الغضب بادية على وجهه وكأنه يريد أن يقتل أحدهم فقال لهم : ما بالكم لا تتركون أحداً يرتاح في هذا المنزل , العالم تموت من الجوع في الخارج وجرائم السرقة والقتل قد زادت بشكل ملحوظ والأطفال يموتون بسبب التفجيرات وكذلك النساء تسبى , وأنتم تلتهون بمشاكلكم السخيفة لا يهمكم وضع البلد ولا البلدان المجاورة !! تخيلوا لو أنكم في سوريا أو فلسطين أو لبنان أو الدول الفقيرة المعدمة هل كنتم ستنشغلون بتفاهاتكم هكذا ؟؟!!
فدمعت عينا زوجته وقالت : أنت تترقب ما يحدث على التلفاز وتدعو للإنسانية فقط بلسانك وتلحق المسؤولين ورجال السياسة !! متناسياً واجبك كأب في هذا المنزل , هل سألتني يوماً عن حال عماد ؟؟ هل تصدقت من مالك لأجل أن تنقذ إنساناً من الموت أو أن تقوم بتعليمه ؟؟ نحن بحاجة الى ثورة بمنزلنا وإلى ثورة فكرية في الخارج حتى نحل ولو جزءً بسيطاً من المشاكل التي تتحدث عنها , لقد مللت حياتي معك أشعر أني في صراع مع ذاتي وعائلتي وأنت سجنت نفسك في سجن السلطة والمال ولا يمكنك أن تبصر الحقائق وما يجري في منزلك وإن أبصرت فإنك ستصاب بالعمى من هول المفاجآت التي تنتظرك ..
قال لها : وهل أنا مسؤول عن كل شيئ أين هو دورك أنتِ ؟؟!!
قال له بيأس : أتعلم لقد شفى النبي عيسى عليه السلام الناس من الأمراض في عصره إلا أنه لم يستطع أن يشفي مرض الجهل , وأي جهل أنت واقع فيه ؟؟ جهلك مركب يا زوجي العزيز , لقد ضقت ذرعاً وحان الآن موعد الثورة سأثور عليك قبل أن أثور على الذين تتبعهم ظناً منك أنهم سيخدمونك ويلبون طلباتك ..
ولم تكمل (ريما) كلماتها حتى تلقت صفعة قوية من زوجها !! ووقع كيس المخدر من يدها , فقال لها : ما هذا ؟؟ هل بدأتِ تتعاطين المخدر أيتها اللعينة ..
تابعونا في الجزء السادس
تحياتي

*******************
ج6
قالت له : لقد تخدرت من الأوجاع بسببك ولم يعد يهمني صفعاتك !! أنت من تحتاج إلى صفعات قوية حتى تخرج من حالتك , إنه ولدك لقد ضاع من بين أيدينا وأنت مشغول بمصالحك السياسية , هيا إذهب الى الوزير وأخبره بحال ولدك ولا تنسَ أن تقدم لي الحلول حينما يقدمها لك ..
فالتفت الى ولده ولكنه لم يجده حيث غادر المكان عندما بدأ شجار أهله دون أن يلحظا ذلك , فقال لنفسه : تباً منذ متى وهو يتعاطى المخدر ؟؟!!
قالت زوجته : لا أدري .. ولكنه أصبح سارقاً أيضاً
قال لها : ماذا ؟؟ وهل أنا رجل كرسي حتى لا تخبريني بما يجري في منزلي !!
فضحكت ساخرة وحزينة : لقد حاولت إخبارك مرات عديدة ولكنك غارق في جهلك , أقسم أنهم سيقومون بتركك وربما قتلك إن لم تنفعهم , ولقد قتلوا نفسية ولدك قبلك ..
ولكن ما حصل لم يردع والد عماد عن أي شيئ وفضّل البقاء غارقاً في جهله , فعندما إتصل به الوزير ترك كل شيئ وذهب إليه يتحسس مطالبه كي ينفذها وكأنه أداة !! مع أنه في قرارة نفسه يعلم جيداً أنهم غير جديرين بهذا المنصب إلا أن السلطة أعمت بصره وبصيرته , قال الوزير : علينا بشن حملة ضد منافسي وعلينا نشر فضيحته في السرقة وأشياء أخرى ..
ثم أخرج من صندوقه الفضائحي عدة صور وقال لوالد عماد : عليك بنشر هذه الصور حتى يقلع العالم عن إنتخابه ..
قال والد عماد : ولكن ياسيدي هناك شيئ قد خفي عنك ..
قال الوزير : وهل يخفى شيئ عن ذكائي , أعلم أنه يملك ما يفضحني أيضاً ولكني تخلصت من مساعديه ولن يجرؤ أي أحد على إيذائي بعد ذلك , لا تقلق لقد درست الموضوع من جميع جوانبه ..
وبالفعل كان والد عماد هو الطعم الذي إستخدمه الوزير للتخلص من منافسه وعندما عرف الأخير ذلك قرر أن ينتقم منه وأي إنتقام حيث وضع عبوة في سيارته وسيارة عماد وكانا ضحية اللعبة السياسية , وعندما علمت (ريما) ذلك جن جنونها ولم تعرف ماذا تفعل ومن تفضح وإلى أين سيؤول مصيرها لو فعلت ذلك ...
تابعونا في الجزء السابع
تحياتي

*******************
ج7
وطبعاً عند دفن الجثث كان أول الحاضرين هو من فجرهم (قتل القتيل ومشي بجنازتو ) ولكن البرستيج السياسي يتطلب ذلك , ولم تتجرأ المسكينة أن تقوم بأية ردة فعل لأنها ستلحق بمن فقدت فوراً , فما كان منها إلا أن قررت بعد فترة قصيرة أن تتبرع لـ (زين) صديق ولدها المرحوم حتى يتعالج ..
وبعد أن عرفت عنوان منزله توجهت إلى هناك مباشرة وكانت المفاجأة أن عزاء قد أقيم حديثاً في ذلك المنزل فعرفت أنها تأخرت في إعطاء صدقتها , ولكنها دخلت لتتعرف إلى ذلك الأب الذي عانى ما عاناه من أجل ولده فوجدت رجلاً يحمل صورة شاب ويبكي بحرقة فعرفت أنه والده فاقتربت منه وقالت :عظم الله لك الأجر بولدك ..
قال باكياً وفي عيونه حكايات الثورة :بل عظم الله لنا الأجر بهذا البلد !!
فعرفت ما يرمي إليه ويبدو أنه يعرفها فتنفست الصعداء وبعدها قالت : لا يغرنك أني أم عماد فلا علاقة لي بالسياسة في هذا البلد فقد دمرَته وكما أنك فقدت ولدك بسبب وضعك الاقتصادي أنا أيضا فقدته قبل أن أفقده بسبب وضعي السياسي اللعين ..
وبصراحة لقد حضرت الى هنا لأتبرع بمبلغ من المال كي تعالج ولدك ولكن الأوان قد فات فرحمه الله وتغمده بواسع رحمته ..
فزاد من دموعه وكما يقال (عندما يبكي الرجال فاعلم أنها مصيبة تفوق الجبال) فقال صدقيني لم أترك صاحب مشفى أعرفه إلا وطلبت منه معالجته لقاء كل ما أملك حتى منزلي المتواضع هذا ولكنهم رفضوا , وليس لدينا أي واسطة في مشفى حكومي أو تابع للأحزاب أو المؤسسات الدينية ولو بعت عائلتي وعائلة زوجتي بأكملها لما كفى المال للعلاج ..
كل المسؤولين .. إنهم السبب
لقد أمضيت عمري كله وأنا أعيش بكرامتي وحاولت التخلي عنها فداء لولدي ولكنه أبى إلا أن يرحل ذاك المسكين لقد تحمل الكثير من الاوجاع ولكنه لم يتذمر حتى لا يزيد من حزني فغادر الدنيا عريساً وكان التراب والصخر أرفق بحاله من قلوب البشر وأنا الآن لم أعد أهتم لشيئ , خسئ بلدنا بمن فيه من مسؤولين طالما الغالي قد رحل ..
تابعونا في الجزء الثامن
تحياتي

*******************
ج8
فتذكرت ولدها (عماد) في هذه اللحظات وإنحدرت دموعها على خديها وقالت له : أعتذر إليك لقد زدت من حزنك ..
فنظر والد (زين) الى صورة ولده وقال : ولكن يمكنك أن تساعدي الكثير من العائلات والصدقة صدقة دونما فرق في الطائفة أو الديانة لقد عانيت الكثير بسبب هذا الموضوع أيضاً ..
فاستأذنت منه وقلبها يكاد يتفتت عليه من الحزن , ليت ولدها عانى بسبب هذا المرض وقامت بعلاجه ولم يمت تلك الميتة , ليتها رأت دموع زوجها على ولدها حتى بعد وفاته , ما هذا العالم الغريب وهذا البلد الأكثر غرابة ؟؟!!
وبينما كانت تقود سيارتها وهي شاردة الذهن وجدت إمرأة تعرف ملامحها جيداً تقف إلى جانب الطريق وهي تحمل بين يديها الكثير من الأغراض , فركنت سيارتها إلى جانبها وقالت باستغراب : مَن ؟؟ سهى ؟؟ لماذا أنتِ واقفة هكذا ؟؟ وإلى أين أنتِ ذاهبة ؟؟
قالت سهى وقد شعرت بغصة في حلقها : لقد سجن لصوص البلد الكبار ولدي بتهمة أنه لص ولكنهم هم السبب , لقد كان متفوقاً في دراسته ولم نستطع إكمال تعليمه وليس لدينا معارف ليكون جندياً بأقل رتبة في الجيش فما كان منه إلا أن تمرد على واقعه ولحق بركب قطاع الطرق وتم القبض عليه ..
فقالت ريما : ولكنه لو بحث جيداً لوجد عملاً كان يجدر به أن يصبر أكثر ..
قالت سهى : أنا وأنت نتفهم هذا ولكنه شاب في مقتبل العمر ويريد أن يعيش بأبخس الأثمان على الأقل قد يكون السجن مأوى له من الحر والبرد ..
فحوقلت ريما وقالت : ماذا بعد ياعراق ؟؟ ماذا بعد يابلدي الحبيب الذي دمرته الأحزاب السياسية والطائفية اللعينة ؟؟
تابعونا في الجزء التاسع والأخير
تحياتي

********************
ج9 والأخير
ومع نهاية هذه القصة المحزنة لهؤلاء الشباب الثلاثة أقول : 
أن هؤلاء نموذج لكل مواطن في عراقي الحبيب فـ (( زين وعماد وابن سهى )) في كل عائلة فبدل أن تقوموا بانتظار مخلص الزمان الذي سينقذكم من الظلم بمختلف الاديان والطوائف , وقد لايظهر في عصركم إبحثوا عن مسؤول زمانكم كي يخلصكم مما أنتم غارقون فيه الآن وفي عصركم هذا ..
- يخلصكم من إنقطاع الماء والكهرباء التي تتسبب في تدهور الكثير من الأعمال ..
- يخلصكم من النفايات التي تملأ شوارعكم وتسبب الأمراض السرطانية ..
- يؤسس لكم مشافي تملك الضمير والرحمة قبل الأدوات ..
- يبني مدارس وجامعات حكومية بمستوى التعليم الخاص ليتسنى للغني والفقير أن ينهل من المعرفة ويؤمّن الاختصاصات المرغوبة في كافة المناطق ..
- يشحذ هممكم ويحثكم على التعامل مع بعضكم البعض من باب الإنسانية وليس من باب الطائفية والتمذهب والعرق ..
- والأهم أن يحافظ على الخزينة ويستعملها لصالح الشعب وليس لصالح كتلته أو حزبه أو ورثته .. ويبث المحبة والألفة والوئام بين أبنائكم ..
- ويتفحص المنتوجات والأدوية قبل بيعها بالأسواق ..
- ويلاحق المخدرات التي تسبب في ضياع شبابكم ..
- ويجعل أغنياءكم أكثر غنى ولكن في المقابل يجعل فقراءكم ومساكينكم في المستوى الوسطي بحيث يعيشون بكرامة ولا تمتزج لقمة عيشهم بالدماء والذل ..
هذه الأمنيات التي ذكرتها هي حق لكل مواطن , ولكن الإنسانية ماتت ونحن بحاجة لوجود معجزة عيسى جديد ليحيي تلك القيم التي قد لانستفيد منها ولكن أبناءنا بالطبع سيفعلون .. لاتوقظوني من حلمي رجاءً فالعيش مع هكذا أجواء أصبح كابوساً لايطاق .. فهل سيتحقق هذا الحلم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
الجواب عندكم يا أبناء بلدي الحبيب ..
نتمنى أن تكون القصة قد أعجبتكم .. والى اللقاء في قصة أخرى
ونسألكم الدعاء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق